The Washington PostDemocracy Dies in Darkness

Opinion خطوة كبيرة لتحقيق رؤية جمال خاشقجي

(Ann Kiernan for The Washington Post)

سارة لي ويتسون هي المديرة التنفيذية لمنظمة DAWN، الديمقراطية للعالم العربي الآن.

معظم الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إما دول شبه فاشلة أو أنظمة استبدادية تتقاذفها التيارات الخفية لانعدام الاستقرار. الصحفي السعودي المنفي جمال خاشقجي أدرك هذا الواقع المؤلم واقترح الحل. قبل عامين، وقبل وقت قصير من جريمة قتله الوحشية في القنصلية السعودية في إسطنبول، أنشأ منظمة تسمى DAWN لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في العالم العربي. اليوم، يُعاد إطلاق المنظمة من أجل تعزيز رؤيته للمنطقة بألف مرة.

Read this piece in English: A big step to amplify Jamal Khashoggi’s vision

تعرفتُ على جمال عندما كنت مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” وكان هو المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن. في ديسمبر/كانون الأول 2016، بعد عودته إلى السعودية ومسيرته المهنية الحقيقية كصحفي، أخبرني جمال أن نائب ولي العهد الجديد محمد بن سلمان منعه من نشر كتاباته كعقوبة على تغريدة له انتقد فيها إدارة ترامب القادمة.

فحثثته على مغادرة البلاد قبل أن تمنعه الحكومة من السفر وتخنقه بشكل كامل. لقد قدمتُ هذه النصيحة للعديد من الكتاب والنشطاء وحتى المطّلعين على الحكومة من المنطقة الذين سيستيقظون يومًا ما ليجدوا أنفسهم مستهدفين من قبل حكوماتهم. علمتُ بقضايا العديد من السعوديين الذين اكتشفوا أنهم ممنوعون من السفر في المطار. قد يمر عقد أو أكثر قبل أن يتم رفع هذا الحظر بشكل سري وتعسفي كما كان عندما فـُرض.

عندما تحول حظر السفر في السعودية إلى اعتقالات واسعة النطاق للعلماء والكتّاب والصحفيين في وقت لاحق من عام 2017، رأى جمال تلك العلامات الواضحة وهرب. أتى إلى الولايات المتحدة وأصبح كاتب أعمدة في صحيفة واشنطن بوست. من منصته الجديدة، دافع جمال عن الحرية في العالم العربي من دون اعتبار لغضب حكام السعودية. اعتقد جمال أنه في مأمن خارج بلاده. اعتقدتُ أنه آمن أيضًا. كنا مخطئين.

Read more pieces in this collection

في حين أن مقتل خاشقجي أضر بسمعة محمد بن سلمان، فقد تمكن حتى الآن من تجنب أية عواقب وخيمة نظرًا لدوره في جريمة القتل تلك. عاقبت الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى العديد من المسؤولين السعوديين المتورطين فيها، لكنهم تجنبوا معاقبة محمد بن سلمان. وقد استمرت مبيعات الأسلحة المربحة إلى السعودية في الغالب من دون انقطاع. سيستلزم الاجتماع الافتراضي القادم لقمة مجموعة العشرين في الرياض دفعة جماعية كبيرة أخرى من قبل الشركات العالمية والحكومات لمساعدة محمد بن سلمان على تطهير سجله الملطخ بالدماء، بحيث يمكن أن تعود الأعمال إلى طبيعتها.

ومع ذلك، تعمل منظمات المجتمع المدني الأميركية على تغيير جهود الحكومة السعودية التي تغذيها العلاقات العامة من أجل التطبيع، ورفع دعاوى قضائية لإجبار حكومة الولايات المتحدة على الكشف عن معلومات بشأن مقتل جمال، وتنظيم مقاطعة لعرض محمد بن سلمان في مجموعة العشرين. من خلال انضمامها إلى هذا النضال، ستنشئ DAWN منبرًا مهما للمنفيين السياسيين من جميع أنحاء المنطقة للمناقشة والترويج بحرية لرؤيتهم للحرية والديمقراطية في المنطقة.

اليوم، أُجبر مئات الآلاف من الأفراد من العالم العربي مثل جمال على الفرار من بلدانهم لمناصرة الإصلاح، أو حتى للمشاركة في احتجاج. نهدف إلى وضع رؤاهم المستقلة وتحليلاتهم وتوصياتهم التي قُمِعت في بلدانهم الأصلية في صدارة أولويات صانعي السياسات العالميين. وكما ذَكَّرونا مؤخرًا شعوب العراق ولبنان والسودان والجزائر، فإن مطالب الحكم العادل في المنطقة لم تختفِ. وستستمر في الظهور من جديد من دولة إلى أخرى حتى تتحقق.

ستعتمد منظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” أيضًا على مصادر بداخل الدولة لتطوير ملفات قضايا مفصّلة عن الاضطهاد السياسي الذي يتنكر في شكل إجراءات قضائية، وفضح عملاء الحكومة الغامضين: القضاة والمدعون العامون وحراس السجون والمحققون الذين يديرون بيروقراطية القمع من دون أن يؤثر ذلك على سمعتهم.

العدالة الحقيقية والمساءلة الحقيقية قد تكون بعيدة المنال في جميع الحالات باستثناء الحالات النادرة. لكننا سنضمن حصول هؤلاء المجرمين المرتاحين على سوء السمعة التي يستحقونها. وسنسعى بالتأكيد للمساءلة هنا في أميركا عن مقتل مؤسسنا.

لم يكن لدى جمال أي أوهام بشأن دور الحكومات الأجنبية، وخاصة حكومة الولايات المتحدة، في تمكين حكم المستبدين في العالم العربي. وقد فهم دور أميركا الحيوي في الحفاظ على وجود النظام الملكي السعودي. كما صرح الرئيس تامب مؤخرًا في لحظة نادرة من الصراحة: “لن يستمروا لمدة أسبوع لو لم نكن موجودين، وهم يعرفون ذلك.” ستسعى DAWN للتأثير على سياسة الولايات المتحدة، وكذلك الدول الأخرى لوقف إيذاء شعوب هذه المنطقة من خلال دعم قادتها المسيئين وغير الشرعيين.

كان جمال يؤمن في المقام الأول أنّ الديمقراطية ستكون الحل الدائم الوحيد للأمن والسلام والكرامة في الشرق الأوسط، وأنّها “الطريقة الأكثر فعالية لمواجهة الإرهاب ووقف إراقة الدماء والعنف السياسي في الدول العربية”.

نأمل أن تكون مساهمة DAWN في الحرية والحكم الديمقراطي في العالم العربي إرثه الأكثر ديمومة.

Loading...